من منّا لم يشعر فور انطلاق منبّه الاستيقاظ في الصباح، بالغضب الشديد والرغبة العارمة في تحطيم الهاتف أو الساعة المُستخدمة للاستيقاظ من النوم. حالة الغضب المعروفة يعاني منها تقريباً كل موظّف أو طالب مُجبر على الاستيقاظ مبكراً للحاق بشؤون يومه ومواعيده المهمة.
لكن دراسات عديدة في علم النفس كشفت أن قسوة صوت المنبه قد يكون لها تأثير أعمق مما يعتقده غالب الناس، ويمكن أن يكون لها تداعيات على المزاج الصباحي الذي يؤثر على روتين اليوم بأكمله.
تأثير صوت المنبه أو نغمة التنبيه على مستوى اليقظة
وتشير دراسة نشرها باحثون في مجلة Plos One العلمية، بعنوان: “نغمات التنبيه والموسيقى وعناصرها: تحليل أصوات اليقظة المُبلَّغ عنها لمواجهة القصور الذاتي في النوم”، تشير إلى أن صوت المنبه القاسي والمُزعج قد يكون مرتبطاً بمستويات متزايدة من الإرهاق والخمول الصباحي. وفي المقابل، يبدو أن نغمات التنبيه الموسيقية تحسِّن مستويات اليقظة والانتباه في الصباح.
يكره الجميع نغمة المنبه الصباحية مهما كانت لطيفة، لارتباطها بقطع ساعات الراحة.
ويفترض الكثيرين أن اختيار نغمة الإنذار المُزعجة “بيب بيب بيب” لمنبه الاستيقاظ من شأنه أن يحسِّن اليقظة والاستفاقة، لكن الدراسة السالف ذكرها كشفت أن الإنذارات اللحنية هي العنصر الأساسي لذلك.
واستخدم الباحثون استطلاعاً عبر الإنترنت لجمع النتائج من 50 شخصاً سجلوا نشاطهم عن بُعد. وقام كل شخص بتوثيق نوع صوت المنبه الذي يستخدمه للاستيقاظ، ثم قام الفريق بتقييم مستويات الترنُّح واليقظة والاستفاقة لديهم مقابل معايير خمول النوم المعيارية الصباحية.
وكان الهدف من الدراسة التي نشرتها Plos One في عام 2020، هو فهم كيفية استخدام موسيقى معينة لإيقاظنا وإنعاش استفاقتنا الصباحية بشكل يقاوم خمول النوم الفسيولوجي وضعف الأداء الإدراكي والحسي الحركي الذي يحدث بعد الاستيقاظ مباشرة.
وأشارت النتائج إلى أن شدة الصوت لا تهم بالضرورة عند الاستيقاظ في تحقيق الاستفاقة، وأن المزيد من الأصوات اللحنية أو الموسيقية يمكن أن تؤدي إلى ترنُّح أقل في الصباح.
وبالرغم من عدم التوصُّل لأسباب حدوث ذلك بشكل واضح، لكن الاعتقاد الأكبر هو أن صوت المنبه المزعج يضاهي أصوات الأحداث المحيطة العارضة، مثلاً صوت صافرة إنذار أو بوق سيارة، وهو ما يستفز مشاعر الشخص في مرحلة استيقاظه بشكل لا يرتبط بالضرورة بتحفيزه على التدرُّج في الاستفاقة.
لكن في حالة النغمات الموسيقية واللحنية في منبّهات الاستيقاظ، فهي تستدعي انتباه الشخص النائم، وتسمح للعقل بخوض مراحل اليقظة التدريجية عوضاً عن تعطيلها بالتحفيز الفوري الزائد.
لماذا ننزعج عند سماع صوت المنبه خلال اليوم أيضاً؟
تُعد تجربة سماع المنبه الصباحي في أي وقت آخر بخلاف ساعة الاستيقاظ من النوم، أحد أكثر المضايقات غرابة في عصر الهاتف الذكي والتكنولوجيا.
وبالرغم من قلة الدراسات العلمية الموثوقة حول أسباب ذلك، فإن المشاعر الدقيقة التي يختبرها الشخص عند سماع صوت التنبيه تختلف من شخص لآخر.
ووفقاً لاستطلاعات رأي أجرتها صحيفة The Sunday Morning Herald، أبلغ البعض أنه اختبروا عند سماعهم صوت المنبه خلال اليوم بإحساس صداع في الرأس، وشعر البعض الآخر بـالغثيان، بينما اختبر آخرون شعوراً بـالقلق والتوتر كما لو أنهم أدركوا للتو أنهم نسوا القيام بشيء مهم جداً.
وحول ذلك، يقول الأستاذ المشارك بقسم علم النفس في جامعة فليندرز، مايكل جراديسار، إن الأمر كله يتعلق بنوع من التعلُّم النفسي يُسمى التكييف الكلاسيكي. وهو نفس المبدأ الذي يجعل الناس يطورون نفورهم الذوقي من شيء معين.
ضغط زر الغفوة أو Snooze يؤدي لزيادة الإرهاق النهاري والخمول.
ويقول أستاذ علم النفس: “ببساطة، في عدد من فترات الصباح، قد تربط أجسادنا صوت المنبه بالمشاعر غير السارة لانقطاع ساعات الراحة والقيام من السرير الدافئ والمريح والمحبب”.
وعند تكرار شعور النفور النفسي تجاه مهامك اليومية التي يتحتم عليك إنجازها يومياً، يسبب ذلك مفهوماً سلبياً مكون من المشاعر والأحاسيس النفسية والجسدية أيضاً.
بمعنى آخر، تتعلم أجسادنا أن صوت المنبه ولحن الاستيقاظ مهما كان لطيفاً وهادئاً، يثير فينا المشاعر السلبية، وبالتالي تحدث تلك الاستجابة باختلاف وقت سماع نغمة التنبيه.
لا أحد يحب صوت المنبه، أياً كان اللحن.. ولكن!
من الآمن أن نقول إنه لا أحد يحب صوت المنبه؛ لأنه ببساطة إنذار لقطع ساعات الراحة اليومية. وهو يشير في النهاية إلى ضرورة التخلي عن الفراش الوثير والمريح، والخروج لمواجهة تحديات اليوم. ومع ذلك، بإمكان نغمة التنبيه الصباحية أن تؤثر على نهارك بشكل ملحوظ.
وفي دراسة أجريت عام 2003 ونشرها موقع Huffington Post على منبهات تحاكي ضوء الفجر بشكل يضيء غرفة النوم بلطف وبالتدريج مع اقتراب وقت الاستيقاظ، لاحظ فريق من الباحثين أن استخدام هذه المصابيح يزيد من مستويات الكورتيزول الذي يفرزه الجسم في الصباح.
ويأتي رد فعل الجسم هذا باسم “استجابة الكورتيزول المستيقظ”، وهو الأمر الذي “يجهز دماغنا وجسمنا لضغوطات اليوم والتحديات”، بحسب الدراسة.
وبالرغم من أن تلك المنبّهات كان تتعامل مع الضوء بدلاً من الصوت، فإن النتائج تشير إلى أن “المدخلات الحسّية تخلق استجابة فيزيولوجية” تؤثر على الجسم في الصباح.
كيف يمكن تحقيق التأثير الصباحي الأمثل؟
وجدت دراسة أجرتها جامعة RMIT البريطانية، أن نغمات التنبيه القاسية والمزعجة مرتبطة بمستويات متزايدة من الترنُّح والانزعاج الصباحي، بينما تساعدنا الموسيقى على الانتقال بثبات وتدريج إلى الاستيقاظ والاستفاقة.
ووجد العلماء أنه إذا استيقظت على إنذار سيئ ومُزعج، فقد يتدهور أداء عملك لفترات تصل إلى أربع ساعات كل صباح.
وقال المؤلف الرئيسي في الدراسة، ستيوارت ماكفارلين، بحسب ديلي ميل، إن الترنح الصباحي – أو خمول النوم – يمثل مشكلة خطيرة في عالمنا الذي يتطلب منّا العمل على مدار 24 ساعة أغلب أيام الأسبوع.
وتوضّح خبيرة النوم الأسترالية، أوليفيا أريزولو، للصحيفة البريطانية، أنها تعتقد أن أغنية المنبه المهدِّئة يمكن أن تساعد في جعل الشخص أكثر نشاطاً وإنتاجية خلال اليوم.
لافتة إلى أنه بمجرد أن تسمع صوت المنبه في الصباح يجب أن تستيقظ على الفور دون الضغط على Snooze”.
هناك بعض العادات الصباحية التي من شأنها تحسين مستوى الاستفاقة واليقظة .
وفي روتين صباحي وضّحته خبيرة النوم أريزولو لصحيفة ديلي ميل، قالت إنه يجب اتباع الخطوات التالية لتحقيق أكبر درجة من اليقظة والاستفاقة والنشاط:
- استيقظ بمجرد رنين المنبه.
- اشرب كوباً من الماء قبل أن تفعل أي شيء.
- من نافذتك أو شرفتك، احصل على قسط من ضوء الشمس الطبيعي.
- الالتزام بـ10 دقائق من الحركة لتحفيز إفراز الإندورفين في الجسم.
- خصص 5 دقائق لـ”اليقظة والتأمُّل”، للشعور بأنك حاضر.
- اجلس في فراشك لدقائق واستوعِب محيطك واستعد للاستيقاظ بلطف.
وتشير التقارير إلى أن الضغط على زر الغفوة أو Snooze، خاصةً إذا كان هاتفك على وضعية الهزّاز، يرفع من نسبة شعور الشخص بالقلق والتوتر الشديد.
واختتمت خبيرة النوم بقولها إن “الشيء المهم هو أن تفعل شيئاً من تلك العادات اللطيفة وتجعله عادة يومية لك كل صباح لتحسين مزاجك والاستعداد ليوم نشيط ومُثمر”.
تعليقات
إرسال تعليق