يُعَدُّ الجنس موضوعاً يصعب الحديث عنه، إذ يشعر البعض بأنَّه ينتهك خصوصيتهم ويُحرجهم، خاصةً في حال كانوا يُعانون انخفاض الرغبة الجنسية أو مشاكل أخرى.
ولسوء الحظ، هذا يعني أنَّ كثيراً من الأفراد والأزواج يعانون لسنواتٍ طويلة دون الحصول على مساعدة، وهذا من شأنه أن يُؤثِّر بشدةٍ في علاقاتهم.
ويُعاني الرجال تحديداً صعوبة بالغة في الحديث عن مشكلاتهم الجنسية.
وتداعيات تلك المشكلات وعزوف الرجال عن مناقشتها يمكن أن تكون لها آثارٌ ضارة عليهم وعلى شركائهم، بحسب ما نشره موقع The Good Men Project.
وإحدى كبرى وأعقد المشكلات التي يمكن أن يواجهها الرجل وشريكته، هي انعدام الرغبة الجنسية أو انخفاضها.
الرجال وانخفاض الرغبة الجنسية
انخفاض الرغبة الجنسية هو قلة الاهتمام وقلة الشهوة الجنسية. ولا يتعلَّق الأمر بالعجز عن ممارسة الجنس، ولا يشبه ضعف الانتصاب كذلك.
إذ يستطيع الرجال الذين يعانون انخفاض الرغبة الجنسية أن يمارسوا الجنس، ولكنهم لا يرغبون في ذلك.
وليس من الغريب على الرجال (أو النساء) أن يعانوا تقلُّباتٍ في رغبتهم الجنسية على مدار حيواتهم.
وتكون تلك الحالة مؤقتةً عادةً، إذ يعودون إلى طبيعتهم بمجرد علاج الأسباب الأساسية أو اختفائها.
ولكن في بعض الحالات، قد يستمر الأمر فترةً طويلة ويُؤثِّر في جودة حياة الرجل وعلاقاته.
ويمكن أن يحدث انخفاض الرغبة الجنسية لأسبابٍ عديدة، منها: الأدوية، أو التوتُّر، أو العمر، أو المشكلات الصحية الأساسية.
وربما يكون ذلك من أعراض الاكتئاب أو مشكلات الصحة العقلية. وبغض النظر عن الحالة؛ فإنَّ أكبر آثار انخفاض الرغبة الجنسية، التي تستمر فترة طويلة، هو أنها يمكن أن تجعل المشكلات الأخرى في حياة الرجل أكثر سوءاً.
إذ يُعَدُّ الجنس بالنسبة لكثير من الرجال جزءاً من كيفية تعريفهم لأنفسهم.
وفي المجتمع، تُعتبر القوة الجنسية -في جميع الأحوال- جزءاً من معنى الرجولة. لذا حين يفقد الرجل الرغبة في ممارسة الجنس؛ يمكن أن تكون لذلك عواقبٌ سلبية على ثقته بنفسه واحترامه لذاته.
إذ إنَّ جزءاً كبيراً من غرور الرجل يكمُن في قدرته على التأدية جنسياً وإسعاد شريكته. وأيّ عجزٍ عن فعل ذلك، جسدياً أو غير ذلك، يمكن أن يكون مُدمِّراً.
فربما يبدأ في الشعور بانعدام الأمان والأهلية، وقد يبدو ذلك فشلاً إضافياً بالنسبة لـرجلٍ يعاني بالفعل الاكتئاب أو المشكلات المُتعلِّقة بتصوُّره لذاته.
أثر انخفاض الرغبة الجنسية على العلاقة
مصائب الرجل عند شريكته مصائب أيضاً. وفي حين قد يعاني الرجل من مشاعر الفشل، فقد تعاني شريكته أيضاً من مشاعر مشابهة.
وربما يُؤدِّي انخفاض الرغبة الجنسية لدى الرجل إلى شعور شريكته بأنَّها هي سبب المشكلة.
أليست جذَّابةً بما فيه الكفاية؟ هل هناك شخصٌ آخر؟ هل فقدَ حبَّها واهتمامه بها؟ هذه هي نوعية الأسئلة التي تُطرح عادةً حين يفقد الشريك اهتمامه ببساطة.
ولكن بالنسبة للرجال الذين يعانون انخفاض الرغبة الجنسية؛ فهذه ليست مشكلةً مُتعلِّقةً بشخصٍ أو آخر، بل هي مشكلةٌ ذات جذورٍ أعمق. وللأسف، قد يصعُب فهم ذلك، وهو ما يفسد العلاقات السعيدة بشدة.
وهذا حقيقيٌّ جداً، خاصةً حين يكون الشريك الذي يعاني انخفاض الرغبة الجنسية هو الرجل.
وفي العموم، تكون النساء هُن أول مواضيع النقاش حين يدور الحديث حول انخفاض الرغبة الجنسية، وتكون أسبابها عادةً أسباباً بيولوجية.
ولكن حين يفقد الرجل اهتمامه بالجنس، يبحث الناس عن أسبابٍ أخرى، مثل المشكلات مع شريكة حياته بصفةٍ أساسية.
وقد يستغرق الأمر وقتاً وجهداً وثقةً كبيرة، لإدراك أنَّ المشكلة لا تتعلَّق بأنَّ أحد الطرفين “ليس مُثيراً”، ولكنها مشكلةٌ أعمق.
وفي الوقت ذاته، يمكن أن تصاب العلاقة بأضرارٍ يصعب إصلاحها مستقبلاً.
كيف يمكن أن نساعد الرجل؟
بمجرد إدراك أنَّ المشكلة لا تكمُن بالعلاقة، بل في تراجع الرغبة الجنسية؛ يجب إعداد خطةٍ لعلاج المشكلة.
قد تشمل تلك الخطة الحديث إلى الطبيب الأساسي، أو أخصائيٍ في الصحة العقلية.
ويجب ألا يعني ذلك تعطيل حياة الزوجين الجنسية بالضرورة، بل قد يعني أنَّ عليهما التروّي، وأن يطلقا العنان للإبداع.
ويمكن أن يساعد الحب والتفهُّم كثيراً في هذا الأمر.
وضعوا في اعتباركم أنَّه أمرٌ يصعُب على غالبية الناس الخوض فيه. وسيستغرق الوصول إلى جذور المشكلة كثيراً من الصبر والتفهُّم.
وتمُرُّ العلاقات الطويلة بكثير من الأفراح والأتراح، وقد تحدث نوبات الجفاف الجنسي لأسبابٍ عديدة.
لذا فإنَّ التعاون بين الزوجين سيكون ضرورياً، من أجل الوصول إلى حياةٍ جنسية نشطة وصحية.
أسباب عدم الرغبة في الجنس
قد تتعدد أسباب عدم الرغبة في الجنس وضمن ذلك الضغوط، والاكتئاب، وضعف الانتصاب، والاختلالات الهرمونية (التي تحدث نتيجة انقطاع الطمث وقصور الغدد التناسلية)، وآلام الأعضاء التناسلية (مثل تشنج المهبل، والتهاب الحشفة)، والأمراض المزمنة، وتناول الأدوية، وانخفاض الثقة بالنفس، والمشاكل في العلاقات. وتطول تلك القائمة.
من المهم أيضاً التمييز بين انخفاض الرغبة الجنسية، واضطراب الرغبة الجنسية المثبطة (وهو غياب التخيلات الجنسية)، والعجز الجنسي (وهو العجز عن ممارسة الجنس، ويصاحبه عادةً شعور شديد بالذنب).
إذ يمكن أن تكون لكل منها أسباب نفسية وعضوية، لكنها تختلف تماماً في طريقة العلاج.
باستيعاب الاختلاف بينها، يمكن معالجة المشكلة بمزيد من الموضوعية، مع تجنُّب الآثار العاطفية.
تعليقات
إرسال تعليق