لطالما أثارت الأخبار المتناقلة عن اكتشاف علاج السرطان بـالأعشاب الطبيعية اهتمام الناس، إذ أوردت وسائل الإعلام بإندونيسيا، في الآونة الأخيرة، ادعاءاتٍ مفادها اكتشاف علاج للسرطان مُصنَّع من نبات طبيعي بجزيرة بورنيو، حيث تُستخدم أوراق الجرافيولا (ثمرة السرسب) باعتبارها شكلاً من أشكال العلاج البديل.
ليس في ذلك ما يبعث على الدهشة؛ نظراً إلى أن السرطان يودي بحياة أكثر من 200 ألف شخص سنوياً في إندونيسيا.
غير أنَّ تكاليف العلاج باهظة، في حين تتضاءل فرص النجاة.
صحيحٌ أنَّ بعض النباتات يمكن أن تدخل في تصنيع الأدوية، غير أنَّ مكوناتها ينبغي أن تخضع لسلسلةٍ من الفحوص والدراسات الدقيقة. وبعد أن يعلَن أنَّه آمن، وتُثبت فوائده الصحية علمياً، عندها فقط يمكن إنتاج الدواء وتسويقه على نطاقٍ تجاري.
تشرح هذه المقالة المنشورة في الدورية العلمية The Conversation العملية البيولوجية وراء الإصابة بالسرطان، وهو مرضٌ ينجم في الغالب عن الخيارات المتعلِّقة بنمط الحياة، ويزداد الوضع سوءاً في البيئات غير الصحية.
معلومات مهمة عن السرطان
تشبه الخلايا التالفة سرطان البحر
في بداية الإصابة بـسرطان الثدي، لا تُشكل الخلايا التالفة كتلة محسوسة عند لمسها، ولكن سرعان ما تنمو الخلية بعد فترة لتصبح كتلة كبيرة في حجم البذرة، ثم يزداد حجمها لتصبح في حجم قطعة رخامية.
وتتكاثر الخلية في نهاية الأمر بدرجةٍ كبيرة لتصبح في حجم البيضة.
ولهذا السبب يُنصح النساء بإجراء الفحص الذاتي للثدي بشكلٍ منتظم، حتى يسثنى لهن اكتشاف حالات الإصابة في وقتٍ مبكر.
حين تكون الخلايا التالفة في حجم البذور، فهي لا تزال غير مكتملة النمو، وتلتصق بالخلايا السليمة المجاورة لها.
ولكن، نظراً إلى كونها خلايا غير طبيعية، فإنها تتجاوز حدود نموها الطبيعي، وتتضاعف عوضاً عن ذلك بمعدل لا يمكن التحكم فيه. ومن ثم تفسر أجسامنا هذه الزيادة غير الطبيعية في النمو على أنها أماكن تتطلب تغذيةً إضافية، وتتشكل الأوعية الدموية لتوصيل تلك المغذيات إلى تلك الخلايا مباشرةً.
تتكاثر الخلايا التالفة بمعدل أسرع بعد وصول الأكسجين والمغذيات الإضافية بحيث تتطلب وجود مساحة أكبر للتمدد والنمو.
ومع وجود شبكة من الأوعية الدموية التي تزودها باحتياجاتها الغذائية، تنمو الخلايا التالفة وتنتشر في كل اتجاه.
ويشار إلى تلك الخلايا باسم الخلايا السرطانية، لكونها تشبه وحش سرطان البحر ذا المخالب والأقدام.
وخلال المرحلة التالية، تستمر الخلايا التالفة في التكاثر، وتظل تقضي على الخلايا الطبيعية في مسار نموها، مثل خلايا الجلد على سبيل المثال.
تنمو تلك الخلايا السرطانية، في حين يُقضى على خلايا الجلد. وينجم عن هذا جروح وكدمات تظهر على الجلد.
وفي بعض الأحيان، تنفصل بعض هذه الخلايا التالفة عن بقية المجموعة، وتدور في مجرى الدم أو عبر الأوعية الليمفاوية.
يمكن أن تصل تلك الخلايا في النهاية إلى الرئتين أو العظام أو المخ أو الكبد أو أعضاء أخرى بجسم الإنسان، حيث تستقر وتواصل نموها، وتقضي في طريقها على الخلايا الطبيعية.
تموت الخلايا بشكلٍ منتظم
بين الحين والآخر، يمكن أن تواجه عملية انقسام الخلايا مشكلات، ويحدث خلل في دعم الوظائف الجسدية.
وخلال مثل هذه الحالات، قد تتشوَّه وتتلف الخلايا. عندها يلزم التخلص من تلك الخلايا التالفة، ومن ثمَّ يحدث الموت المبرمج للخلايا، لإيقاف النمو غير الطبيعي.
تحدث تلك المشكلات في الغالب داخل أجسامنا، لكننا لا ندرك حدوثها أبداً، لأن الأجسام مبرمجة للتعامل معها تلقائياً.
ورغم ذلك، يمكن أن تفشل عملية “الموت المبرمج” للخلايا في أداء وظيفتها ببعض الأحيان.
وعندها تظل الخلايا التالفة غير مُكتشفة وتصبح لديها مساحة للنمو. تستمر تلك الخلايا في التكاثر بشكل غير مُتحكَّمٍ فيه، ويظهر ما نسميه السرطان.
استيعاب مراحل السرطان
كثيراً ما يُذكَر السرطان بمراحله، إذ يقال المرحلة الأولى من السرطان، إذا كانت الخلايا التالفة صغيرة الحجم نسبياً ولا تزال منتشرة حول الخلايا السليمة.
ولكن حين تبدأ تلك الخلايا في النمو، يعتبره الأطباء سرطان المرحلة الثانية.
وإذا بدأت الخلايا التالفة بالانتشار، والقضاء على الخلايا السليمة في طريقها، يظهر سرطان المرحلة الثالثة.
تظهر المرحلة الرابعة للمرض حين تنتشر تلك الخلايا التالفة وتنتقل إلى أماكن أخرى من الجسم، مثلاً حين تنتشر خلايا سرطان الثدي وتنمو في الرئتين أو العظام.
علاج السرطان، وتأثيره على الشعر
يهدف علاج السرطان غالباً إلى القضاء على الخلايا التالفة. وحين تكون هذه الخلايا صغيرة الحجم، وغير ملتحمة نسبياً، يمكن إزالتها بالجراحة. ولكن يُستخدم العلاج الكيماوي في بعض الأحيان لضمان تدمير تلك الخلايا الصغيرة التي قد تظل موجودة.
ولكن يفضَّل استخدام العلاج الإشعاعي عادةً حين يتوسَّع نمو الخلايا السرطانية، إذ يهدف إلى التخلص من الخلايا المتكونة في مناطق مختلفة من الجسم.
وبمجرد أن يقل حجم الكتلة السرطانية، يتمكن الأطباء حينها من إجراء الجراحة، واستخدام العلاج الكيماوي.
ولكن إذا انتشرت الخلايا السرطانية في مناطق متفرقة من الجسم، تتضاءل فرص نجاح العلاج للغاية.
وفي هذه المرحلة، عادةً ما يستسلم الأطباء، ويبذلون قصارى جهدهم في مساعدة المرضى على أن يعيشوا ما تبقى من حياتهم بأفضل ما يمكنهم.
ونظراً إلى كون الخلايا السرطانية هي في الأساس خلايا تمرَّدت على عملية الموت المبرمج المذكورة أعلاه، فالتخلص منها سيؤدي إلى الفتك ببعض الخلايا السليمة الأخرى.
وهذا ما يحدث في مرحلة العلاج الكيماوي، حيث تُدمَّر الخلايا الطبيعية، ومن ضمنها بصيلات الشعر، لهذا يـتساقط الشعرالمرضى بعد العلاج الكيماوي.
وللحد من تلك المشكلة، ابتكر الخبراء أدوية علاج كيماوي تستهدف خلايا معينة فقط. وتسهم الأدوية المُصنَّعة حديثاً في تقليل حدة الشعور بالغثيان، وتقليل الأضرار اللاحقة ببصيلات الشعر.
ولهذا السبب ينبغي أن يكون هناك تشكُّك وحذرٌ بشأن الآثار الجانبية الخطيرة لأي نوع من الأدوية أو المكونات التي يُزعَم أنها فعالة في علاج جميع أنواع السرطان.
مُسببات السرطان
تسهم عديد من الأشياء في نمو الخلايا السرطانية، ومن ضمنها المواد السامة الموجودة بالسجائر، وأشعة الشمس، والمواد المستخدمة في حفظ الأغذية، والمنكهات الصناعية وألوان الطعام، والإصابات المتكررة، والالتهابات الفيروسية، والمواد الكيماوية الخطرة، وغيرها الكثير.
حين نتعرض للحوادث تتعطَّل خلايانا بطريقةٍ أو بأخرى، وتحاول أجسامنا معالجة الضرر.
ولكن نظراً إلى تكرار الضرر مرة بعد مرَّة، يتوَّجب أن تستمر عملية تجديد الخلايا على نحوٍ أسرع، لدرجة قد تُفقدها قدرتها على اكتشاف الخلايا التالفة أو المُتضررة.
فالمركبات السامة في دخان السجائر تُتلف خلايا الرئة بمرور الوقت على سبيل المثال. في البداية، يحدث أن تتجدد تلك الخلايا التالفة، ولكن نظراً إلى استمرار دخول السموم في الجسم، ستفشل بمرحلة ما، في اكتشاف خلايا الرئة المتضررة. وعندها يبدأ نمو الخلايا السرطانية.
تتكرر تلك الدورة على مدى فترة طويلة، تستغرق غالباً سنوات. وهذا هو سبب كون التدخين أو استنشاق المواد السامة الأخرى يستغرق سنواتٍ ليُسبب الإصابة بالسرطان.
وكذلك لن يؤدي استهلاك الوجبات الخفيفة الغنية بالمواد الحافظة فترة قصيرة إلى الإصابة بالسرطان، ولكن يتزايد خطر الإصابة بالمرض إذا جرى تناولها بشكلٍ متكرر، وبكميات كبيرة على مدى سنوات.
يحدث أن يُصاب الأطفال بالسرطان أيضاً، لكن العملية تختلف عن البالغين إلى حدٍ ما. ففي الأطفال، عادةً ما تنشأ الخلايا السرطانية من الاضطرابات الوراثية التي تُصعّب عملية الكشف عن الخلايا التالفة وتسمح لها بالتكون.
تتضاعف تريليونات الخلايا داخل أجسامنا
يحدث السرطان حين تنقسم الخلايا داخل الجسم بشكلٍ مفرط، وبطريقة لا يمكن التحكم فيها.
وتُعد الخلايا أصغر أجزاء جسم الإنسان، ويوجد ما لا يقل عن 37 تريليون خلية فردية داخل الجسم.
تشكِّل كل خلية “جسماً” في حد ذاتها، ويمكن أن تولِّد الخلايا الطاقة اللازمة لها، وتطرد الفضلات من الجسم، وتدافع عن نفسها، وتتكاثر، وحتى يمكن أن تتخلص من نفسها حين تُصاب أو تكبر في العمر.
ويمكن أن تنمو الخلايا لتكون عدداً من الأعضاء، بعد فترة وجيزة من الإخصاب، إذ يمكن أن تتطور لتشكِّل خلايا الجلد، أو الخلايا العصبية، أو خلايا العضلات، أو خلايا العظام، وغيرها من أجزاء الجسم الأخرى.
وبعد أن يُسنَد إلى الخلايا المتضاعفة دورٌ محدد، ستتطور لتصبح لديها ذاكرة. بعدها ستنمو الخلية وتتكاثر، لتوليد خلايا متطابقة لها المهمة نفسها.
تُرسل أدمغتنا تعليمات معقدة بحيث تنمو هذه الخلايا بمعدلٍ طبيعي، وتعمل وفقاً للمهام المعينة لها.
ومثال على ذلك، ستتكاثر الخلايا المهيئة لتصبح خلايا دم إلى خلايا دم أكثر. وتظل تنمو وتتكاثر بشكلٍ معقول.
ونظراً إلى اقتصار دور خلايا الدم الحمراء على نقل الأكسجين حول الجسم، فلا تواجه تلك الخلايا مخاطر محتملة؛ ومن ثم يمكن التنبؤ بتلفها.
إذ ستموت تلك الخلايا بعد 3 إلى 4 أشهر. تتكاثر خلايا الدم الحمراء بمعدل يسمح باستبدال تلك الخلايا الميتة باستمرار.
لكن خلايا الدم البيضاء، من ناحية أخرى، لها دورٌ مهم في الدفاع عن أجسامنا من التهديدات الخارجية.
تتكاثر تلك الخلايا على نحوٍ بطيء حين لا تكون هناك بكتيريا أو فيروسات لتواجهها، ويتسارع إنتاجها بمجرد ظهور تهديد خارجي لتعويض الخلايا التالفة.
تعليقات
إرسال تعليق