التخاطر عن بعد أو التخاطر الروحي وله أسماء أخرى عديدة مثل “التخاطر الذهني“، كل هذه المسميات لشيء واحد، هو عبارة عن نوع من الاتصال العقلي عند البشر بصورة غير مادية ملموسة بين شخصين، بحيث يستقبل كل منهما رسالة الآخر العقلية في نفس الوقت الذي يرسلها إليه الطرف الآخر مهما كانت المسافة بعيدة بينهما، وبعبارة أبسط، فالتخاطر يعني معرفة أي شخص منهما بما يدور في رأس الآخر، تعتبر ظاهرة التخاطر من أقدم القدرات الإنسانية الخارقة التي عرفها الإنسان، والتي يعزى إليها طريقة الاتصال بين بني البشر في العصور القديمة الغابرة كما يرى المهتمون بهذا العلم.
أثبت العلم الحديث نشاطات عديدة لجسم الإنسان لم تكن معلومة لدينا في الماضي القريب، ومن هذه النشاطات “الأثر الكهرومغناطيسي” للنشاط الكهربي لعقل الإنسان، فإن خلايا المخ عند الإنسان والتي تعد بالملايين تقوم بعدة مهام عن طريق إرسال الإشارات الكهربية فيما بينها، وهذه الإشارات الكهربية بدورها تكون بمثابة الأمر المرسل من مراكز المخ المختلفة المسؤولة عن تحريك الأعضاء والإحساس والقيام بتوصيل المعلومات من الحواس إلى مراكز المخ والعكس، فتقوم بتوصيل الأوامر من المخ إلى الأعضاء من خلال الأعصاب.
وهذا النشاط الكهربائي مهما كانت درجة ضعفه فإنه يولد نوعاً من “الطاقة الكهرومغناطيسية”، التي يمكن رصدها بالعديد من الأجهزة المعدة، وتصويرها بالموجات شديدة الصغر، في شكل هالة ضوئية حول الإنسان لها مدى معين ولون طيفي يميز هذه الهالة من شخص إلى آخر ومن حالة إلى حالة لنفس الإنسان، ومما لا شك فيه أيضاً أن هذه الهالة الضوئية غير المرئية هي وليدة نشاط المراكز العديدة في المخ من مراكز الحواس إلى الذاكرة إلى الاتزان.
فكل العمليات العقلية التي تمارسها هذه المراكز المخية يكون لها قدر معين من الطاقة كأثر للنشاط الكهربي المبذول فيها، وهذه الطاقة يمكن قياسها بصورة أو بأخرى لتسجل نفس القدر من الطاقة عند إعادة هذه العمليات بعينها، والمراد الوصول إليه أنه يمكن أن يثبت معملياً أن النشاط الذهني الذي يستغرقه المخ في إجراء عملية حسابية معينة يصدرعنه قدر من الطاقة الكهرومغناطيسية يساوي نفس القدر الصادر عند إجراء نفس هذه العملية الحسابية مرة أخرى.
ومن هنا يمكننا القول أن جميع العمليات التي يقوم بها مخ أو عقل الإنسان يصدر عنها كمية معينة من الطاقة يمكن تمييزها عن غيرها، بالقدر التي تسمح به إمكانيات الأجهزة المستعملة حالياً، والأمر كذلك يمكن تمثيله بجهاز يقوم بإرسال إشارات كهرومغناطيسية لها مدلول معين يقوم جهاز آخر باستقبال هذه الإشارات وحل شفرتها ومعرفة مدلولها، وجهاز الإستقبال هذا هو عقل الإنسان الآخر، الذي وهبه الله القدرة على الشعور بهذه الموجات واستقبالها وترجمتها عقلياً إلى الأفكار التي ترد في عقل الأول، وهذا الأمر ليس بغريب بالنسبة لعالمنا الحديث الذي وصلت فيه مخترعات الاتصال إلى العديد من الأجهزة اللاسلكية، والتي تعتمد على نقل الصوت والصورة بموجات قصيرة وطويلة يتم استقبالها عن بعد.
ولكن هذه المعلومات عن الطاقة المنبعثة من جسم الإنسان دلالاتها على الأفكار الدائرة في عقل الإنسان وذاكرته، وما يشغله قد تتوافق توافقاً تاماً مع غيرها عند شخص آخر وهو أمر غير مستبعد تماماً وخاصة أن البشر يعدون بالملايين مما يجعل فرصة توافق البعض منهم أمراً لاشك فيه، وفي هذه الحالة يمكن لشخصين أو أكثر أن تدور في عقولهم نفس الأفكار ولكن هذه ظاهرة أخرى تسمى “توارد الخواطر”.
أما التخاطر فهو أمر يختلف فهو يعني إستقبال الطاقة الصادرة من عقل أي شخص وتحليلها في عقل المستقبل، بحيث يدرك أفكار الآخرين، أي أنه يعمل على توفيق حواسه على تلقي المجال الكهرومغناطيسي الصادر من الآخرين ومعرفة ما يدور في عقولهم عن طريقها، وهذا جانب من الظاهرة، أما الجانب الآخر فهو إرسال خواطره وإدخالها في عقول الآخرين.
ببساطة، التخاطر هو انتقال أفكار وصور عقلية بين الكائنات الحية من دون الاستعانة بالحواس الخمسة، أو باختصار نقل الأفكار من عقل إلى آخر بدون وسيط مادي، تقنية البلوتوث Bluetooth المعروفة والتي تُستخدم في جهاز تحكم التلفاز مثلا “الريموت كونترول” أو كما انتشرت الآن في الهواتف النقالة وأجهزة الحاسب، تعتمد على نقل الملفات والبيانات من جهاز إلى جهاز آخر عن طريق الموجات وبدون اسلاك.
بعضها قد يستقبل ويرسل، والبعض يستقبل فقط لكن لا يرسل، عقل الإنسان في حالة التخاطر كهذه الأجهزة ايضاً.
التخاطر غريزة فطرية فهناك من تأتيه هذه المقدرة بسهولة، هناك من يصل فقط إلى البداية ولا يستطيع أن يكمل، قد يرتبط ذلك بصفائه الروحي وإيمانه بوجود هذه القدرات، والمفتاح أو السر هنا في التأمل والتركيز، وبالطبع بالتمرن الاكثر تحصل على الافضل، بعض من وهبهم الله هذه الموهبة قد يصابون بالذهول أو ربما يقودهم ذلك إلى الجنون، ففي التخاطر لا وجود للكذب، فلِمَ الكذب ومن يتخاطر يكون بأقصى درجة من العفوية، ويعتقد أحيانا أنه يتحدث مع نفسه.
ربما لو أصبح العالم يتصل بالتخاطر لعشنا بسلام، ومن هنا يستطيع المُخاطر أن يملك القدرة على قراءة الأفكار..
تعليقات
إرسال تعليق